القبس حضرت التصوير في رأس الخيمة
«وعاد الماضي» مأساة درامية حزينة تكشف معاناة الحاضر
رأس الخيمة - نايف الشمري:
لكل واحد من اسمه نصيب، كانت تقول دائما عائشة خالة رحمة، عائشة امرأة تقترب من الستين من عمرها تردد هذه الجملة دائما وهي تنظر إلى رحمة ابنة اختها المتوفاة، وهي تحوم كالفراشة في ذلك المنزل البسيط تكاد تحترق من وهج حياة مضنية عاشتها في رعاية الاسرة الصغيرة، وهي لم تتعد بعد الثامنة والعشرين من عمرها، وكثيرا ما فكرت رحمة باسمها، وهل حقا لها نصيب منه كما تقول الخالةعائشة، تبتسم رحمة (شيماء سبت) لانها لا تملك من هذه الدنيا الا صفة «الرحمة».
تعيش قسوة الحياة في تربية شقيقتها الاصغر منها (بثينة الرئيسي)، واخيها ذي الثامنة عشر عاما (مشاري البلام) الذي يعاني من اعاقة ذهنية وجسدية تجعل تفكيره لا يتعدى تفكير طفل في السابعة من عمره، وكذلك رعاية خالتها (شفيقة يوسف) التي لا تنسى تلك الاوقات التي كانت فيها رحمة تجلس تحت قدميها المتعبتين تصب لها الماء وتغسلهما، والخالة تمسح رأس رحمة براحة كفها وهي تردد قائلة «جزاك الله كل خير يا رحمة يارب مسكنك الجنة وثوبك معطر بالمسك والعنبر يحبه كل من يشوفك» وكان دعاء الخالة بلسما لشفائها.
نقطة تحول
ذات يوم تغيرت الحياة عند رحمة وصار لها معنى آخر، فبعد ان كانت حياتها محصورة في بيتها الصغير بطلبات والدها القاسي (ابراهيم البنكي) التي لا تنتهي واحتياجات أخيها المعوق، وأختها المراهقة (هند) وخالتها العجوز، تحول مسار هذه الحياة اثر حادثة بسيطة قد يمر بها اي انسان ولا تشكل له اي معنى.
تلتقي حمد أو (شهاب جوهر) ابن الاثرياء، وتقفز الأسئلة وتتوالى الأحداث، ما علاقة حمد بتلك الشجرة التي تقع في وسط المنزل الذي تعيش فيه رحمة، وكيف مضى بطريقه وهو يفكر بتلك الفتاة صاحبة الوجه الجميل التي اختلس اليها نظرة سريعة، وهي تمد له يدها بالماء، واصل قيادة سيارته وظلت الشجرة الكبيرة تحوم في ذاكرته، ويحاول ان يعصر ذهنه ولكن من دون جدوى.
ترى ما العلاقات المتشابكة في عائلة حمد؟ عبدالعزيز جده من أمه (أحمد الصالح) ( هكذا كان يظن حمد) رجل الاعمال الكبير ما هي وكيف هي علاقته براشد (سليمان الياسين) زوج ابنته لطيفة ووالد حمد واخيه محمد (محمود بوشهري) وأخته زهراء (لمياء طارق)؟
كان حمد يدخل مكتب جده ومعه والده ليشرح للجد نجاحه في مهماته، وكان يلاحظ دائما جفاء المعاملة من ابيه وجده.
خارج الحسابات
ذات يوم فارق الجد الحياة وسط احزان كبيرة عمت الاسرة، الجدة الكبيرة (مريم الصالح) غرقت في احزانها بصمت وان كانت تحاول السيطرة على الموقف بما عرف عنها من قوة شخصية وعنفوان، ولاحظ حمد، كما كان يلاحظ دائما أنها ازدادت ابتعادا عن أبيه، وقد سمعها ذات مرة بعد العزاء تقول للاب الاصغر المنصاع: «اسمع يا راشد اللي كان مصبرني عليك مات والحين خلاص ما عاد شيء يهمني» لاحظ الجفاء من الجدة الكبيرة تجاه أبيه، وهو يحاول ان يفهم لماذا؟
وجاء اليوم الذي وجد فيه حمد الاجابات على تساؤلاته، وكان ذلك يوم توزيع الورث والتركة الكبيرة التي خلفها الجد عبدالعزيز، حيث وجد حمد نفسه خارج التركة الكبيرة إلا من فتات جاد بها الرجل عليه، ووظيفة داخل الشركة الكبيرة، تتضمن له العيش المريح، ويثور حمد ويتساءل لماذا ؟ لماذا هذا الظلم؟
وتأتي الاجابة عندما يعلم بأنه ابن راشد من زوجة سابقة، وان (مريم الصالح) او الجدة فهي ليست جدته، ولطيفة التي عاش معها ما يقارب الثلاثين عاما او اكثر ليست امه الحقيقية، ويقف امام لطيفة التي ربته احسن تربية «صحيح انا مو ولدك»؟ وتصمت لطيفة ودموعها تنساب ولا تستطيع الرد على تساؤلاته، ويقول للجدة: «معقول يا جدة ماني ولدكم»؟
تبكي المرأة بصمت القوي الذي عهدته فيها العائلة تخفي جرح الزمن العميق في قلبها قائلة: «انت ولدي حتى لو ماني جدتك»، ويهرع الى ابيه يسأله كشف الاسرار التي كانت خافية عنه، ويقرر على الفور ان يقوم برحلة بحث عن والدته غير عابئ بما آل اليه حال والده بعد كشف الحقيقة وسلبية الاسرة نحوه.
اما رحمة فقد بقيت في هذا الجحيم تنتظر صدفة جديدة تنتشلها من الهوة السحيقة من اليأس، وشاء القدر ان يموت والدها تحت سيارته القديمة، عندما كان اسفل السيارة يصلح عطلا فيها، وصعد الابن المعاق ليلعب في السيارة عن غير قصد، فتحركت ليموت والده اسفلها.
رحلة البحث
حمد يجول الاماكن بحثا عن والدته، ولكنه لم يستطع ان يتوصل الى اي معلومة توصله اليها، وقرر ان يبحث عن عمل، وبعد طول معاناة وتفكير قرر الرحيل الى صديق والده (عبدالله ملك)، وهناك التقاه الرجل بالحفاوة والتقدير واوجد له عملا في شركته، وتعاطف معه كثيرا عندما علم بقصته.
اما زهراء (لمياء طارق) شقيقة حمد من والده والتي تعمل بالصحافة لم يهدأ لها بال منذ غياب اخيها عن المنزل وهي تستخدم كل مهاراتها الكتابية لترسل برسائل الى اخيها الغائب عبر صفحات الجرائد لعله يعود.
وعندما قرأ ما كتبته شقيقته أحس بالحنين واتصل بها لكنه طلب منها ان تبقي الاتصال بينهما سرا، وواصل حياته الجديدة مكتسبا رضا عبدالله الذي احبه كما يحب ابنه، وزوجه من ابنته الوحيدة ليانا (هدى صلاح) وهي من زوجة تونسية الاصل يكن لها كل محبة وتقدير رغم طلاقها منه.
رحمة تواصل حياتها الجديدة تحاول ان تحمي خالتها الضعيفة واخيها المعاق، وتجاهد ان تعمل بكل ما لديها من طاقة لتكسب قوت يومها، وتؤمن لاسرتها الصغيرة حياة كريمة، وارهق هذا الشقاء الجسد النحيل وبدأت تتداعى تحث قسوة التعب وسوء التغذية الا ان روحها بقيت قوية.
زهراء ما زالت تتصل بحمد وتخبره كل ما يتم داخل المنزل الكبير وتبلغه بأن الاسرة اتفقت برضا من أخيها محمد على ان يزوجوها من ذلك الرجل الثري جمعان والذي كان يتعامل مع جدها من قبل، وله اخت اسمها سلمى خطبها محمد على إثر موافقة جمعان الذي طلب يد زهراء مقابل صفقة مالية ضخمة بين محمد وجمعان.
هناك أسئلة كثيرة تفرض نفسها من خلال تلك العلاقات التي نعيشها مع شخصيات هذا العمل.
كيف ستكمل رحمة حياتها؟
أين سيمضي القدر بحمد؟ واين ستقوده قدماه بحثا عن الحقيقة؟
عبدالله ذلك الصديق الوفي للعائلة ما دوره في الاحداث؟
الجدة والابنة لطيفة والزوج راشد اين ستمضي بهم تلك العلاقة الخانقة؟
علاقات متشابكة تسير بالاحداث في خط العمل بشكل درامي متناسق بغية الوصول الى عمل تلفزيوني يفرض نفسه من خلال شخوصه، بقيادة المخرج غافل فاضل، وتأليف اسمهان توفيق، بطولة مريم الصالح،أحمد الصالح، بدرية احمد، مشاري البلام، لمياء طارق، سليمان الياسين، شهاب جوهر، عبدالله ملك، شيماء سبت وشفيقة يوسف، مساعد مخرج عبدالكريم خليل اسماعيل، انتاج تلفزيون الكويت لشهر رمضان.
المصدر
http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=517378&date=15072009